أوضح المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري أن الهجمة التي تتعرض لها اللغة العربية خلال هذه المرحلة من التاريخ، “لم يسبق لها مثيل حتى في عصور التراجع الحضاري التي عرفها تاريخنا العربي الإسلامي”، مشيرا إلى أن ذلك يقتضي أن تَـتَـضَافَـرَ جهود أهل اللغة. جاء ذلك في ثنايا كتابه الجديد الذي صدر حديثا بعنوان “اللغة العربية في العصر الرقمي” ضمن منشورات الإيسيسكو. ويضم أربعة فصول تتناول “اللغة العربية والهوية الثقافي”، و”تعليم اللغة العربية : تحديات ومعالجات”، و”تأثير الإعلام على اللغة العربية”، و”الأثر الإيجابي للتواصل الاجتماعي في التطور اللغوي”. ونشر الكتاب في الخاتمة نصوص التوصيات الصادرة عن ثلاث دورات للمؤتمر السنوي لمجمع اللغة العربية بالقاهرة في السنوات التالية : 2017-2018-2019.
وجاء في مقدمة الكتاب أن الحديث عن ضرورة النهوض باللغة العربية لن ينتهي، حتى وإنْ تجددت اللغة وانتعشت وازدهرت فأصبحت مواكبة للمتغيرات، وملبية للحاجات الحياتية التي تفرضها المرحلة التاريخية التي يجتازها أهل اللغة، فكلما تعمقنا في بحث العوامل التي تعوق تطور اللغة العربية وتحول دون انطلاقها وفك قيود الجمود عنها، وجدنا أن المهمة ثقيلة الأعباء، وأن المسؤولية باهظة التكاليف، وأن المسافة إلى تحقيق الأهداف التي تحدونا، لا تزال بعيدة، وأن العمل في هذا المجال الحيوي، لابد أن يستمر دون انقطاع، من أجل أن نرتقي بلغتنا ارتقاء لغوياً وعلمياً وثقافياً، وننهض بها نهوضاً حضارياً يبوئها المكانة اللائقة بها بين لغات العالم.
وأضافت المقدمة إن البحث في قضايا اللغة العربية، على تعدد مناحيه، لا ينحصر في حقل واحد، بل لهذا البحث حقول عدة، ومداخل مختلفة، ومسارات إنْ تَـبَـايَـنَـت، فهي جميعاً تُـفضي إلى غاية واحدة، يسعى الباحثون في هذه القضايا اللغوية إليها، سعياً حثيثـاً، مهما تعددت وسائلهم، وتنوعت مناهجهم، واختلفت مدارسهم العلمية التي ينتسبون إليها، واتجاهاتهم الفكرية التي ينتمون لها؛ لأن خدمة اللغة العربية تجمعهم، كما أن عشقهم لها، وهيامهم بها، ودفاعهم عنها، يوحدهم.
ويقول الدكتور عبد العزيز التويجري العضو المراسل لمجمع اللغة العربية بالقاهرة : “بقدر ما نبذل من جهد مكثف في هذا المضمار لتنمية اللغة العربية، ولـصـدّ العدوان عنها، ولحمايتها والحفاظ على سيادتها حتى لا تعلوها سيادة لغة أخرى مهما تكن، تتوضح أمامنا معالم الطريق نحو تحقيق الأهداف العلمية والثقافية والأدبية التي توجهنا في هذه السبيل، وتحفزنا لمواصلة البحث على جميع الصُّـعُـد، لتكون العربية معبرة عن الحياة ولغة العصر، لا لغة التاريخ والتراث فحسب، تسود وتهيمن وتفرض وجودها، بما لها من مقـوّمـات للتطور، ومؤهّـلات للتجديد، وإمكانات للانتشار والامتداد واختراق آفاق العلم والمعرفة. وهي الغاية النبيلة التي ندبنا أنفسنا، بحمد الله، لتحقيقها، ونعمل جاهدين، بعونه تعالى، للوصول إليها”.
المصدر: صحيفة الحياة