المرجع في تعليم اللغة العربية وتعلمها” كتاب صدر مؤخرا عن “مكتبة الدار العربية للكتاب” للدكتورين حسن شحاتة ومروان السمان، يضم بين دفتيه خبرات ثرية، وليدة بحوث ودراسات علمية وتربوية ونفسية، كما يضم أفكارا لاتجاهات حديثة في تعليم اللغات القومية، وينطلق بفصوله السبعة في رحلة تبدأ من عرض التواصل اللغوي الشفوي، وأهمية الفهم القرائي ومهاراته وإستراتيجياته، وفنيات تعليم الأدب والبلاغة، وقواعد النحو والصرف، والتدريب على التواصل الكتابي بما في ذلك أنواع التعبير وأسس تعليم الكتابة، ودراسة علم الإملاء بمفهومه وأبعاده والتعرف على أسباب الأخطاء، والتعريف بالخط العربي وخصائصه وطرق وخطوات تعليمه.
يعد الكتاب دليلا لكل ما يشغل بال المهتمين باللغة العربية تدريسًا وتعليمًا وإبداعًا، وذلك للمساهمة في صنع إنسان عربي جديد من أجل مجتمع عربي واحد، لذا يبرز الكتاب أهمية الاستماع كبداية للتعلم، وبوصفه مهارة من المهارات الضرورية للتحصيل، ويقصد به حسن الإصغاء والإحاطة بمعنى ما يتم الاستماع إليه، وهو عملية واعية معقدة يجب تنميتها، وتنقسم إلى أنواع، من بينها: الاستماع الهامشي، والتقديري، والانتباهي، والتحليلي، والتحصيلي، والاستماع من أجل المتعة والتقدير والتذوق، والاستماع الاستيعابي، والاستماع الناقد، كما يعنى الكتاب بشرح مجالات التحدث: كالمحادثة والمناقشة والحوار والمناظرة والندوة وإدارة الجلسات والاجتماعات والمسرحة وإلقاء الكلمات والأحاديث، مشيرا إلى طرق تنمية هذه المهارات بشكل علمي سليم.
ويعد مفهوم الفهم القرائي الهدف المطلق للقراءة مهما اختلف مستوى القارئ، وغرضه من القراءة ونوع المادة المقروءة، وهو من أهم المهارات التي يوليها الكتاب عناية خاصة، ذلك أن الفهم القرائي يتطلب تفاعلا مع النص فضلا عن كونه عملية تفكير، ويختلف الفهم القرائي للنثر عن نظيره للشعر، وينقسم إلى فهم تفسيري، واستنتاجي، وتطبيقي، وناقد، وتذوقي، وإبداعي وغير ذلك، وتعد درجة تعقيد البناء اللغوي من أبرز العوامل المؤثرة في عملية الفهم القرائي، بالإضافة إلى مستوى ذكاء القارئ، وخبراته الثقافية، وهو ما يستدعي اعتماد إستراتيجيات تربوية معينة للتحقق من عملية الفهم كإستراتيجية التثبيت، والاستذكار، والتساؤل الذاتي، وطرح الأسئلة على الدارسين.
وفي إطار عنايته بالدرس الأدبي يلفت الكتاب إلى أن التذوق الأدبي يتجلى في قدرة المعلم على تناول النص الأدبي بالتدقيق والتحليل من خلال إدراك نواحي الجمال، ودقة المعاني، وفهم التراكيب ودلالاتها، وتحديد قيمة الصور البيانية، والتفطن إلى العبارات المبتكرة والتحليل الأسلوبي للنص، ونقد عناصر التجربة، والقدرة على إصدار الأحكام على النص، وترقية الإحساس والوجدان، ويرى الكتاب أن تعلم القواعد النحوية والصرفية أصل العلوم اللغوية ودعامتها، لما لها من دور في وقاية اللغة المنطوقة أو المكتوبة من الخطأ، ولما لها من أهمية وتأثير في بقية فروع اللغة العربية، لأن اللغة كل لا يتجزأ، وعلى هذا يكون الإملاء وسيلة لصحة الكتابة ويتطلب مهارة إصغاء إلى المضمون، ومخرج الحروف، ومعرفة المسار اللغوي وفقا لقواعد اللغة، فيما يظل الخط العربي دليلا على النهضة العلمية والمعرفية الهائلة في الحضارة العربية والإسلامية، كما حمل أقدس رسالة خص بها العرب والعالمين بعدهم وهي رسالة الإسلام من خلال لغة القرآن الكريم، والخط في ذاته من الفنون الجمالية التي تصدر عن مهارة وتعد إبداعا قيما له معاييره الخاصة.