أكد عدد من أساتذة اللغة العربية في الدوحة، أن مراكز تحفيظ القرآن هي اللبنة الأولى لترسيخ مهارات تعلم اللغة العربية، داعين إلى التحاق الأطفال بتلك المراكز بدءا من مرحلة الروضة.
ودعوا للتوسع في إنتاج الرسوم المتحركة الناطقة باللغة العربية الفصحى لتعزيز الهوية وتعليم الأطفال مخارج الحروف بشكل صحيح، لافتين إلى أن دبلجة حلقات الرسوم المتحركة ساهمت في زيادة نسبة مشاهدتها بدلا من الناطقة بلغات أخرى.
كما طالبوا بتشجيع رياض الأطفال على اعتماد مناهج وطرق تدريس تحبب الأطفال على تعلم وإجادة اللغة العربية عبر المسابقات والأناشيد، مؤكدين أن إكساب الطفل اللغة العربية يعزز انتماء وهوية النشء.
وقال د. عبدالسلام حامد أستاذ بكلية الآداب والعلوم جامعة قطر قسم اللغة العربية: اللغة العربية التي يكتسبها الطفل تكون بين مستويين هما الفصحى والعامية أو الدارجة، واللغة العامية يكتسبها الطفل من المنزل ومن المحيط الذي يحيط به، والذي يمثل أساسيات اللغة عند الطفل وإن كانت من العامية أو الفصحي، وهذا لا مشكلة فيه، لأن الأصول العامة واحدة ، وإن كان هناك اختلافات.
وأضاف في تصريحات نشرتها صحيفة “الراية”: أما اكتساب الطفل للغة الفصحى فهذا يحتاج بدوره إلى متابعة كبيرة وجادة من الأهل والأسرة، مبينا أن أولى خطوات تعليم الطفل اللغة الفصحى هي تحفيظه القرآن الكريم بداية من دخول الطفل الروضة أي عند 3 أو أربع سنوات، وعدم اكتفاء الأسرة بما يأخذه الطفل في المدرسة، ولكن يجب إلحاقه بمراكز التحفيظ أو من خلال جلب أحد المحفظين إليه، وقراءة القصص للطفل باللغة العربية بل وتعويده على قراءتها.
وأشار إلى أن حرص الأطفال على سماع برامج الكارتون التي تبث باللغة العربية الفصحي مهم جدا في إثراء اللغة عند الطفل وتطويرها، فلها تأثير السحر على الطفل، خاصة أن الأطفال يحبون هذه البرامج جدا ، ويجلسون أمامها بالساعات دون ملل.
وأوضح أن حرص الكثير من الآباء على إلحاق أبنائهم بالمدارس الأجنبية لاكتساب اللغة الإنجليزية يجب ألا يتعارض مع الحرص على أن يعيش الطفل في بيئة عربية خالصة في المنزل، وليس كما يحدث الآن من مجاراة أولياء الأمور لأبنائهم في البيت ومحادثتهم باللغة الإنجليزية.
وقال د. أحمد يوسف أستاذ النقد الأدبي والبلاغة بجامعة قطر: الطفل يكتسب من محيطه الاجتماعي الأخلاق والقدوة والسلوك واللغة والعادات والتقاليد وحب الوطن والانتماء لذلك يجب أن يعي الآباء بضرورة ترسيخ مهارات اللغة العربية في نفوس الأطفال لأنها تمثل ركيزة لمستواه اللغوي وبناء شخصيته وهويته.
وأضاف: الطفل الذي يتعلم منذ صغره لغة غير لغته الأم لاتنتظر منه أن يكون منتميا لأمته، فانتماؤه بالضرورة لما استقر في وعيه ولما شكل وجدانه، لذلك نقول إن الطفل العربي في خطر شديد بسبب الازدواج اللغوي الذي يعيشه منذ أن يولد حتى يكبر.
وأكد أهمية إنتاج مسلسلات رسوم متحركة ناطقة بالفصحى، وتعبر عن تقاليدنا وعاداتنا وتعاليمنا الإسلامية، بدلا من ترك أبنائنا فريسة للأفكار الغربية التي تحملها المسلسلات الناطقة بلغات أخرى.
ويؤكد د. علي أحمد الكبيسي المدير العام للمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية أن هناك عدة نظريات تفسر كيفية اكتساب الطفل للغة، وهي تتكامل فيما بينها لتوضح لنا الصور التي يتم بها الاكتساب سواء بالتقليد والتعزيز، أو بما يملكه الطفل من استعداد فطري يمكنه من تحصيل المبادئ العامة للغات ثم المعايير الخاصة بكل لغة، أو من خلال مراحل النمو المعرفي المتدرجة كما وكيفا، وعلى أي حال فالطفل قادر على اكتساب اللغة بكل هذه الوسائل.
وقال: يجب تعويد الطفل على سماع اللغة بشكل مستمر ، وهذا دور مهم للأسرة باعتبارها البيئة الأولى لاكتساب اللغة، وللأم الدور الأكبر في ذلك بوصفها أول من يتعلق به الطفل، فتوفير الوسط الذي يمكن أن يسمع فيه الطفل الأصوات و الكلمات والجمل ويقلدها هو الخطوة الأولى والضرورية لتثبيت استعمال اللغة لديه، والأسرة التي لا توفر مثل هذا الوسط لا تسهم في إغناء لغة الطفل، ولا تحقق له النمو اللغوي المنشود.
وأضاف: تعليم الطفل لغة ثانية في وقت مبكر اختلف عليه العلماء كثيرا، واتفق أكثرهم على ألا يتعلم الطفل لغة أجنبية إلا بعد أن يتمكن من لغته الأم، وهو قادر على ذلك في سنيّه الأولى قبل الرابعة، فيما رأى آخرون أن ذلك فيه نوع من التشويش اللغوي على الطفل مع مقدرته على اكتساب لغتين في وقت بشرط تحقيق الظروف المناسبة لكل منهما، كما أن له تأثيرات اجتماعية غير مرغوبة.