يعد الخطاط العالمي صباح الأربيلي، أحد الخطاطين المعروفين على مستوى العالم بحروفهم العربية التي استحوذت على أصحاب الذائقة البصرية، بفضل ما تتمتع به أعماله من حرفية ومهارة، ما كان محصلته فوزه بالمركز الثاني في مسابقة (مصحف قطر)، والتي تنافس على الفوز بمركزها الأول ما يزيد عن 120 خطاطاً من الدول الإسلامية.
محطاته العديدة بشأن الخط العربي، ظلت مثار اهتمام من جانب الكثيرين من عشاق جماليات الحرف العربي، حتى من غير الناطقين باللغة العربية، ما يعكس ما يحمله الخط العربي من فنون وجمال، يبهر العقول، ويستقطب الملتقين أياً كانت لغاتهم.
يتحدث الخطاط صباح الأربيلي عن سر إقبال غير الناطقين بالعربية على جماليات الخط العربي، وما إذا كانت التقنية الحديثة يمكن أن تهدده، بفضل ما تمتلكه من تقنيات.
ولم يغفل الحوار تناول مدى إقبال الشباب في قطر على تعلم الخط العربي، فضلاً عن تقييمه لمستوى الحرف العربي في الدولة، والذي وصفه بأنه يشهد اتساعاً، وأنه يستقطب في الوقت نفسه المواطنين، وأن هذا الإقبال يُعد إرثاً للأجيال القادمة. وتالياً تفاصيل ما دار:
سبق أن أعلنت عن تقاعدك، فهل ترى أن الخطاط المهموم بالحرف العربي يمكن أن يتقاعد عن إبراز أشرف ما نزل به آي الذكر الحكيم؟
كان قراري بالاعتزال من فن الخط، تقاعداً من صنع أعمال فنية لأشخاص آخرين، كما أن البعض كان يقوم بابتلاع أعمال فنية لي، على الرغم من أنهم كانوا على استعداد للانتظار لشهور أو لسنوات لإنجازهم أعمالهم الفنية. لذلك كنت أشعر بأن الوقت قد حان للتوقف عن إسعاد الناس، إلى أن رأيت في المقابل أنه قد حان الوقت أيضاً لتكون هناك مشاريع خاصة لنفسي، وجعل بعض المشاريع والأعمال الفنية المنزلية جزءاً من التاريخ. وفي كل الأحوال، فأنا محظوظ جداً بأن أكون العبد المبارك للقيام بهذه المهمة الجليلة لكتابة الخط العربي.
مع انحيازك للمدرسة الكلاسيكية في الخط العربي، هل هناك ثمة محاولات للخروج من عباءة هذه المدرسة، لتجريب ألوان أخرى؟
كنت أمارس الفن الكلاسيكي لفترة طويلة، ولكن منذ العام 2011، لجأت إلى الفن الحديث والمنحوتات. وعموماً لدي شغف كبير بالخط العربي وأجد دائماً بعض النصوص الخاصة متاحة لممارسة الفن، وكذلك الآيات القرآنية، والتي تعد كتابتها أحد الجوانب الروحية لي.
ما هي المفردات التي ساهمت في احترافك للخط العربي، للدرجة التي جعلتك من أشهر الخطاطين على مستوى العالم؟
عندما يتعلق الأمر بالجمال، فإن السماء هي الحد الأقصى، والإمكانيات اللانهائية لإنشاء عمل فني لإبراز الشخصية هي أفضل حافز لي لإبقائي في القيام بمزيد من الأعمال الإبداعية، وهذا الأمر أحب ما أفعله كخطاط، وهو ما شكل كل خطوة في حياتي لأكون خطاطاً. وفي كثير من الأحيان إذا ذهبت في عطلة، يجب أن أتأكد من أخذ المواد الفنية معي، حيث لا يمكن أن يكون جزء مني بعيداً عنها. وإذا لم أكتب أو أبدع عملاً فنياً، أقوم بالبحث والاعداد للقيام برسومات لمشروعي القادم، وهذه مباركة، والحمد لله عليها.
..وما الذي يميز أعمال الخطاط صباح الأربيلي عن غيره من أعمال الخطاطين الآخرين؟
كل خطاط له طابعه الخاص أو أسلوب يمكن التعرف عليه. ومن ناحيتي أحب أن أضع المعنى في العمل المرئي حتى يتفاعل معه الجمهور ويشعر بمزيد من التعاطي معه، وكذلك الارتباط بالبعد الآخر من هذا العمل.
هل تعتقد أن الوسائل التقنية يمكن أن تشكل ثمة تهديد لجماليات الخط العربي؟
لا، ولكن على النقيض من ذلك، فإن مثل هذه الوسائل يمكن أن تضيف أو تساعد في جعل الخط أكثر إبداعاً، ويعتمد ذلك على الفنان وما يقوم به من نهج فني.
ما تفسيرك لظاهرة اللجوء إلى إنجاز لوحات تشكيلية، بشكل قد يفوق إنجاز نظيرتها بالنسبة للوحات الخط العربي؟
من المهم أن يكون لدينا المزيد من الطرق لإنشاء الأعمال الفنية، وأرى أن الخط الكلاسيكي هو الأساس لنهجي الفني الحديث. وأنا شخصياً أعتقد أنه سيضيف المزيد من الشخصية إلى ممارساتي الفنية، خاصة مع وجود قاعدة قوية في الخط الكلاسيكي.
وما تفسيرك أيضا لظاهرة إقبال غير الناطقين باللغة العربية على كتابة الحرف العربي، رغم صعوبة هذا الأمر؟
هذا الاقبال يعد من الظواهر الطيبة للغاية، وتأتي نتيجة لتأثير الحرف العربي، وما يتميز به من جماليات وفنون. والحقيقة فإن الثقافات المختلفة تحاول استكشاف الفن العربي، وهذا اعتراف مباشر بالثقافة العربية ودورها، ليكون محور الحديث عنها، هو الخط العربي، وما يتركه من آثار في أوساط المتلقين، وخاصة غير الناطقين باللغة العربية.
برأيك، ما الخصائص التي تضفيها الزخرفة النباتية والهندسية من جماليات على لوحات الخط العربي؟
بالنسبة للخط الكلاسيكي، فإنه يكمل الأعمال الفنية بشكل مثالي. وبالنسبة لي، أحاول جهدي ألا أستخدمه كثيراً.
ما تقييمك لمستوى الاهتمام بالخط العربي في قطر؟
مشهد الخط العربي في قطر يزداد اتساعًا، ويشهد إقبالاً لافتاً من الكثيرين، وخاصة الشباب، فهناك الكثير ممن يمارسونه، وهذا الاتجاه هو الصحيح ليكون إرثاً للأجيال القادمة. وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً إيجابياً للغاية في إقبال الكثيرين على الخط العربي في قطر، وهو ما أدى بالتالي إلى تنامي شعبيته.
المصدر: صحيفة الشرق