أثارت ندوة “لغة الكتابة.. التأرجح بين العامية والفصحى” التي استضافها “ملتقى الأدب” ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الـ 35، عددا من التساؤلات حول واقع الكتابة الإبداعية اليوم، وأثر الإعلام المعاصر على لغة الأدب، وعلاقة الأجيال الجديدة باللغة العربية في ظل المتغيرات التكنولوجية المتسارعة.
وشارك في الندوة، التي أدارها المسرحي محمد غباشي، كل من: الدكتور علي الحمادي، والكاتب الصحفي دانيال لاك، والروائي محمود حسن الجاسم، حيث توقفوا عند مجمل الظواهر التي تتعلق بمستويات اللغة العربية، وأهمية تنوع مستويات الخطاب في المجتمع الواحدة.
وقال الحمادي: “إن الكثير من المتابعين لواقع اللغة العربية يعتقدون أن تعلم لغة أجنبية، أو الانزياح نحو العامية، يؤثر سلباً على الفصحى، وهذا تفسير خاطئ، إذ لا ضير إن تعلمنا لغات غيرنا، ونحن محافظون على لغتنا الأم، ولا يمكن لنا أن نستغني عن العامية في حياتنا لأنها الأبسط، والأقرب في الشأن العام”.
وأضاف: “إن اللغة تعد واحدة من صور الهوية، فالكثير من العرب الذين تربوا على اللغة الإنجليزية يفقدون انتماءهم إلى العربية ويبدون حائرين اتجاه هويتهم، لذلك ينبغي التمسك بمحوريين أساسيين في ترسيخ الفصحى، وهما، لغة الأدب، ولغة التعليم في المدارس، فأن تتحول لغة الدراسة بالمجمل إلى لغة أخرى، يعني ذلك إيذاناً بهدم العربية في أذهان الجيل الجديد”.
واستعرض الكاتب الصحفي “دانيال لاك” خيارات الكتابة الإعلامية في اللغة، وأثرها على التجارب الإبداعية، قائلا: “هناك أهداف رئيسية عند الإعلامي، سواء كان مذيعاً، أو كاتباً، وهي أن الرسالة الصحفية يجب أن تصل بصورة دقيقة، وواضحة، وتصيب هدفها، وهذا كله يستند في المقام الأول على اللغة المستخدمة في عملية الاتصال، فلا يمكن للمتلقي أن يفهم لغة غريبة عليه، أو يفهم رسالة صعبة الصياغة”.
وأضاف: “إن هذه الأهداف تفرض على الإعلامي أن يختار نوعاً من اللغة المتوسطة التي تعد واحدة من مستويات اللغة الفصيحة، بحيث لا ينزاح إلى العامية، وفي الوقت نفسه لا يتحدث أو يكتب بالفصحى الخالصة البعيدة عن الجمهور”.
وأشار محمود حسن الجاسم إلى أن مستوى اللغة العامية ضروري، ولا يمكن في الحديث عن دعم الفصحى أن ندعو لمحاربة العامية، لافتاً إلى أن الخطورة في العامية هي حين تصبح لغة الأدب، إذ تتدنى حينها مستويات الأعمال الإبداعية، وتخرج من سياقها الجمالي القائم على حسن البناء، والتوصيف، والتصوير غيرها.
وبيّن أن الكثير من الروائيين العرب ظلوا في حالة صراع مع العامية داخل أعمالهم، فقدم كبير الرواية العربية نجيب محفوظ تجربة مهمة حاول فيها تفصيح العامية، لكنه عجز في بعض الأحيان، فيما ظلت تقنيات السرد هي الحل في الهروب من العامية داخل الرواية، مثلما فعل الروائي إبراهيم نصر الله في مجمل تجربته، وكذلك الروائية رضوى عاشور، وغيرهم الكثير”.
المصدر: موقع “عين” الإخباري